منتديات أسلام العرب
المغرب والتصحر الثقافي SIx70218
منتديات أسلام العرب
المغرب والتصحر الثقافي SIx70218
منتديات أسلام العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


بسم الله الرحمن الرحيم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المغرب والتصحر الثقافي 3129fd1

 

 المغرب والتصحر الثقافي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
| | الادارة | |
| | الادارة | |



ذكر عدد المساهمات : 1251
نقاط : 125523
السٌّمعَة : 3
تاريخ التسجيل : 18/08/2008
الموقع : www.islam4arab.ahlamontada.net

المغرب والتصحر الثقافي Empty
مُساهمةموضوع: المغرب والتصحر الثقافي   المغرب والتصحر الثقافي Icon_minitime1الجمعة يوليو 24, 2009 3:38 pm

حدث ذلك في تاريخ بعيد. كنت أحتسي فنجان قهوتي صحبة جان جينيه في مقهى وسط مدينة طنجة، وكانت المسيرة الخضراء قد انتهت لتوها. كنا نتجاذب أطراف الحديث حول الحماسة التي أفصح عنها الشعب المغربي حين توقف جينيه عن الحديث فجأة ثم أخذ يمعن النظر في جماعة من الشباب كانوا واقفين وهم مستغرقون في انتظار شيء أو شخص ما، وبدا جليا أنهم يشعرون بالسأم. وبعد برهة من الصمت خاطبني قائلا: هل تعرف أنه في هذه اللحظة بالذات ثمة في باريس معرض رائع للرسام فان غوخ، وكان حريا بوزير الثقافة أن ينظم رحلات شارتر لهؤلاء الشبان كي يتمتعوا برؤية هاته اللوحات الفاتنة. وأعتقد أنه سوف يسدي بهذا الصنيع للمغرب خدمة لا تقدر بثمن.
كان جان جينيه معروفا بكل تأكيد بروحه المستفزة، لكن الأمر لم يكن يتعلق في هذه الحالة بواحدة من أفكاره المزعجة وذات المرامي الخبيثة. كان على صواب لو فكرنا مليا. فكرة الرحلات الشارتر لا تعدو كونها استعارة. يمكننا أن نتخيل على سبيل التمثيل منح رحلات للطلبة المتفوقين من أجل زيارة متحف البرادو بمدريد أو اللوفر بباريس. وينبغي من أجل تحقيق ذلك أن نتوفر على وزارة ثقافة جديرة بهذا الاسم وغيورة على مصلحة شباب هذا البلد. يمكننا أن نتخيل تنظيم معرض من هذا القبيل في واحد من المتاحف الكبرى للمملكة. ليس ثمة وجود لمتحف؟ هكذا إذن. ليس ثمة من متحف وطني؟ لا شيء؟ ليس سوى مشاريع على الورق؟ لنصرف النظر، إذن،عن المسألة.
نشهد باطراد زحفا للتصحر الثقافي على البلاد؛ وهو ما يعتبر حقيقة صارخة. ثمة بكل تأكيد وزارة ثقافة بوزير وموظفين. ويقال إن الميزانية هي من البؤس بحيث لا يستحق مجرد الحديث. لكن ثمة ما هو أفظع من غياب الوسائل المالية، وهو غياب الإرادة السياسية. يقينا إن الثقافة في حاجة إلى المال لكي يتم إنتاجها، لكنها تحتاج أولا وقبل كل شيء إلى الاعتبار والإرادة الحقيقية كي نفسح لها فضاء رحبا لتحقيق الوجود. للشعب ثقافته، بيد أنه ينبغي إضفاء القيمة عليها وتوفير الوسائل اللازمة لها من اجل التعبير عن حضورها.
لقد اعتدنا تسليم تسيير الشأن الثقافي في البلاد إلى المراكز الثقافية الأجنبية من قبيل المعاهد الفرنسية والألمانية والإسبانية. من حسن الحظ أنها موجودة، وهو أمر ينبغي الإقرار به؛ لكونها مفيدة وضرورية، ولأنها تفضح في السياق نفسه ضعف بل انعدام المبادرات الوطنية التي من شأنها أن تستجيب لانتظارات شباب يحتاجون شأن غيرهم من شباب العالم إلى استهلاك الثقافة سواء أكانت كلاسيكية أو حديثة أو مستفزة أو تقليدية..
إن التخلي عن الشباب في سياق سياسي عالمي يحكمه التطرف القاتل خطأ لا نقدر عواقبه على المدى القريب أو البعيد.، وينبغي لرجال السياسة أن يفهموا أن التنمية الاقتصادية في المغرب ناقصة ومعاقة بشكل فادح في غياب التنمية الثقافية. كيف يتحدد ذلك؟ ينبغي للحقل الثقافي أن يحظى بالدرجة ذاتها من الأهمية التي لقطاع التعليم أو ينبغي على الأقل أن يكون جزءا لا يتجزأ منه.
أتذكر عقب تعيين محمد بن عيسى وزيرا للثقافة أنني نصحته باعتباره صديقا أن يشرع في بناء عدد من المراكز الثقافية في مدن المملكة. وقدمت له نموذج مركز بوبورج في باريس الذي يعتبر حقلا حقيقيا للغليان الثقافي. يستقبل هذا المركز يوميا الآلاف من الزوار؛ وهو ما يعتبر نجاحا حقيقيا في عاصمة لا تفتقر إلى المتاحف وحيث تبز أهمية الغذاء الثقافي غيرها. يقينا إننا لا نتوفر على الوسائل التي تتمتع بها باريس، لكن السؤال الذي يطرح في هذا السياق هو: هل نتوفر على أفكار ومبادرات بسيطة من شأنها أن تطور القدرات الإبداعية لشبابنا؟ وكان تعقيب الوزير بن عيسى ابتسامه مفادها أنه يمكنك أن تتحدث إلى ما لا نهاية..
اعتقدت لزمن طويل أن المغرب سوف يكون مختلفا عن الأقطار العربية الأخرى. صحيح أنه يشكل راهنا البلد العربي الوحيد الذي يتقدم ويتميز بإرادته وضع حد لعوامل التخلف والجمود. وقد دخل العالم العربي في مرحلة من الأفول والانحطاط لا ينازع فيها أحد. انظروا وضع المرأة في غالبية المجتمعات العربية والشأن نفسه بالنسبة لحقوق الإنسان والحريات الفردية والعامة. ويحاول المغرب ما أمكنه الأمر الانفلات من هذا التراجع القدري، لكنه لا يسعنا القول إن الأمور تجري على أحسن ما يرام. الصحافة حرة نسبيا، لكن يحدث بين الحين والآخر أن تهاجم هذه الحرية وتفرض عليها القيود؛ وهو ما يثلج صدور أعداء المغرب الذين لا يبخلون عليه بالافتتاحيات القاسية في الصحف. تضطلع الصحافة بدور هام في هذا الغليان الثقافي؛ فهي وسيط إعلامي يغطي ما يحدث ويضفي هالة على الإنتاج الثقافي. غير أن الحيز الذي تخصصه الصحافة للثقافة هزيل بشكل مثير للأسى. يتعلق الأمر ربما بغياب المادة الثقافية التي ينبغي تغطيتها أو ربما باقتناع رؤساء التحرير بأن الثقافة آخر ما ينبغي الاهتمام به. لا يهم ما دام الرأي العام يقتات مما يستهلكه أو يأمله. والحال أن النتيجة لا تعدو كونها صفرا في كلتا الحالتين. التقيت خلال معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب عام 2006 وزير الثقافة محمد الأشعري، وطلبت منه كما فعلت مع سلفه محمد بن عيسى أن يدشن عددا ضافيا من الفضاءات الثقافية داخل البلاد، وكان جوابه: أنت على صواب، وسوف نتحدث في ذلك على أعلى المستويات في الدولة.
هل كان من ينعتهم بالمستويات العليا للدولة لينزعجوا ويتضايقوا حين رؤية وزيرهم وهو يأخذ المبادرة ويدشن مراكز ثقافية في الأحياء الشعبية للدار البيضاء وغيرها من المدن؟ سوف تسألونني''ومن أين له بالوسائل المادية؟ وأجيب: المال موجود، وليس هو من حال بين الوزير الشاعر والمبادرة إلى الفعل، وإنما تصوره القديم للسلطة والقاضي بالعزوف عن الحركة والابتعاد عن إثارة القلاقل والركون إلى صمت وانزواء يضمنان له البقاء في السلطة. لا أقول بأنه يصدر عن نوايا سيئة، بل الأفظع من ذلك أنه يتقاعس عن الفعل لخوفه من أن يثير امتعاض أولياء الأمور وأن يزعزع نظاما مفرطا في الاستقرار'واللامعنى والهدوء الكثيف الذي يشبه مقبرة تذبل داخلها ذاكرة الأموات وتفقد الأمل.
ما الجدوى من إقامة مركز ثقافي؟ ينبغي الإقرار بأن التطرف ذا المسوح الديني مبتهج لغياب هاته المراكز الثقافية. ووحده الفراغ من يتيح له الحركة ويمكنه من التغلغل في الفضاءات حيث ينتظر الشباب. وهم على أهبة الاستعداد لخوض أية مغامرة سواء تعلق الأمر بالذكاء والاكتشاف أو بالظلامية التي تثير الغرائز البدائية والدموية.
قال سيوران إنه لا ينبغي لنا الاندهاش من قدرة التعصب على الاستحواذ على الشباب، ومن الطبيعي أن يقع شاب تحت إغراء التطرف. وسوف يكون في مقدورنا حين نحيط علما بذلك أن نجنب البلاد بعض الكوارث.
يقتات التعصب من الجهل. بيد أن الأفظع من الجهل هو ادعاء القدرة على تفسير وفهم كل شيء وأن نروج لذلك في فضاءات تنعدم فيها الثقافة المتعددة والمتفتحة.
كان يحلو لأندريه جيد أن يستعيد فكرة'هنري برجسون التي مؤداها إن الذكاء هو الافتقار إلى فهم العالم. ويمكننا أن نستبدل ذلك بالقول إن 'السخف يتمثل في ادعاء القدرة على فهم العالم وتفسير كل شيء واستشعار الرضا عن النفس. ليس العالم عصيا على الفهم فقط ، ولكنه يتميز بتعقيد يجد أساسه في تعدده وثرائه. والإنسان ليس دائما شفافا كما يجري الاعتقاد.
كان حريا بنا وقد أطلقنا أوراش الطرق السيارة والموانئ والمطارات أن ندشن في غمرة ذلك ورش المراكز الثقافية في المدن الصغيرة والكبيرة. وكما يقول المثل الشائع، فإن المرء يفعل حين يرغب. وفي المغرب ليس ثمة مسؤول جدي ورصين يعارض أهمية بل الطابع الاستعجالي لتجهيز البلاد بمراكز وفضاءات ثقافية . يقينا إنني على علم بوجود مهرجانات ومواسم واحتفاليات، وهي لعمري لحظات استثنائية ينبغي الحفاظ على استمراريتها. غير أن ما نحن في حاجة إليه هو ثقافة ذات حضور يومي وفي متناول الجميع. يشكل النجاح الذي تحققه المهرجانات قرينة على تعطش الشباب للثقافة. يلزمنا الإصغاء إلى الشباب وفهم الرسائل التي يبثها وإيلاؤها الأهمية التي تستحق.
لنأخذ مثال الكتاب. فإذا ضربنا صفحا عن المعرض الدولي للدار البيضاء، فإن الكتاب يغط في سبات عميق داخل الصناديق أو فوق رفوف بائسة. وما تفتأ ندرة القراءة تستفحل في العالم العربي. وعلى امتداد هذه البلاد التي تتقاسم وحدة اللغة العربية الفصحى، فإن رواية تتمكن من تحطيم رقم قياسي في المبيعات بتجاوزها سقف ثلاثة آلاف نسخة. تقل نسبة القراءة عند العرب آنا بعد آن؛ وهو ما يمكن عده إحدى علامات الأزمة التي ينوء تحت وقعها مجموع هذه البلاد التي تعاني من التمزق والنمو السيئ وغياب الديمقراطية والحروب الأهلية و طواغيت من عيار صدام حسين ومعمر القذافي..
في المغرب، يعاني من يرغبون في القراءة من انعدام الإمكانيات المادية لشراء الكتب، فيما يعزف الميسورون والأثرياء عن الشراء أو يفعلون ذلك في أحايين نادرة. يكفي أن تنظروا إلى منازل الأثرياء؛ ذلك أن المهندس المعماري يفكر في كل شيء باستثناء المكتبة. لا يمكننا تحميله جريرة ذلك؛ لأن المسؤولية تقع على المالك الذي تشكل القراءة بالنسبة له ذكرى غائمة من سنوات الدرس حيث كان يضطر إلى قراءة مقاطع من المقررات المدرسية. تتناقص نزوة القراءة بوتيرة متسارعة. لنأخذ مثال القطار؛ إذ سوف تلاحظون أن عدد المسافرين الذين يستغلون هذا الحيز من الزمن للقراءة ضئيل جدا. أسوق هذا المثال؛ لأن أول ما تلاحظه حين تستقل وسائل النقل العمومي في فرنسا هو أن كل المسافرين أو أغلبهم مستغرقون في قراءة كتبهم.
إن وضعية القراءة مثيرة للأسى، ويكفيكم إن اعترضتم على ذلك أن تقوموا بجولة في المكتبات النادرة التي ما تفتأ تقاوم من أجل البقاء. وفي مدينة مثل طنجة يقيم فيها مليون نسمة تقريبا، توجد مكتبتان رئيسيتان إحداهما وهي شبه تاريخية في النزع الأخير. يباع الكتاب في محلات الوراقة وأكشاك الصحف، ووحدها مكتبات الفكر الإسلامي من يبدو عليها أنها تستمر في الوجود داخل هذه الصحراء حيث لا ينزعج أحد للحالة المزرية للكتاب.
على الرغم من ذلك، فإن المغاربة يقرؤون الجرائد والمجلات والدوريات المهتمة بالفضائح. وهم يعشقون دون شك ما يحيط بالخبر من قبيل الإشاعة والسبق الصحفي الزائف والأقاويل..
لن أحيط في هذه المقالة بكل حقول الثقافة داخل هذا البلد، ولكنني سوف أكتفي ببعض الملاحظات. تواصل الموسيقى شق سبيلها محدثة بعض المفاجآت، وأفكر تخصيصا في بعض مجموعات موسيقى الراب. أما السينما فيتم إنتاجها في ظروف وبوسائل مثيرة للأسى. ونلاحظ في هذا السياق تزايد عدد قاعات السينما التي تغلق أبوابها بسبب غياب الزبائن. وتحدث الأقراص المدمجة المقرصنة أضرارا بليغة وكل ذلك على حساب القراءة. واختفت النوادي السينمائية التي كونت أجيالا عديدة من عشاق السينما، ولم يعد للمسرح من وسيلة للتعبير غير التلفزيون. أما فيما يخص الرسم فثمة وفرة لافتة، ويمكن مع مرور الزمن أن نعثر وسط هذا الركام على رسام أو رسامين كبيرين. وهنا أيضا لا يمكن تحميل الدولة المسؤولية. لم يحل ذلك دون ظهور بعض المخادعين والمحتالين الذين يروجون للوهم؛ وهو ما يعتبر أمرا عاديا في بلد لا يتوفر على تقليد نقدي أو تقليد خاص بسوق الفن. أن تتمكن من البيع لا يعني بالضرورة توفرك على الموهبة. والحال أننا نلاحظ في المغرب ظاهرة غريبة تقلب القيم: يمكن لرسام يتوفر على موهبة أكبر في تسويق لوحاته أن يراكم سمعة تجارية خادعة بقوة. وفي أثناء ذلك، ترفض القامات الإبداعية الحقيقية الخضوع للعبة التنكيل هاته حيث أصبح المال معيار الموهبة.
في مقال نشر مؤخرا في مجلة 'تيل كيل'، أثار الشاعر المغربي انتباهنا إلى حقيقة مؤداها ان المغرب يهمل ذاكرة تراثه الثقافي, وقد كان على صواب في الإشارة إلى ثقافة النسيان هاته. لكننا نتساءل والحالة هاته: هل ثمة من أصغى إليه؟ هل بادر أحد منذ ذلك الحين إلى فعل شيء ما من أجل صيانة هذه الذاكرة القادمة من بعيد والتي يحتاج إليها البلد من أجل ضمان الحضور في المشهد الثقافي؟
لا يتعلق الأمر بالنسيان فحسب؛ إذ ثمة بالإضافة إلى ذلك غياب الوعي. ويضطلع مستوى التعليم ـ وهو كما نعرف ـ عتبة أساسية من أجل الخلوص إلى الثقافة بدور كبير في هذا التصحر الثقافي. لكننا هنا نقترب من مجال أبكى أكثر من شخص.
ترجمة: عبد المنعم الشنتوف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المغرب والتصحر الثقافي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات أسلام العرب  :: الأقسام العامة :: المنتدى العام | General Discussion-
انتقل الى: