وهنا يطيب لي ان أذكر بياناً لبعض ما ورد في الخطبة الواردة آنفاً فأقول:
[1] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (قد أقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة): البركة هي الثبات لأن خير شهر رمضان المبارك ثابت باق، والرحمة تعني عطف الله على عباده بالإنعام، والمغفرة غفران الله ذنوب العباد.
[2] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (ساعاته أفضل الساعات): ليس شيء (كل أو جزء) في غير رمضان يعادل شهر رمضان في الفضل والثواب.
[3] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (من أهل الكرامة على الله): الله يزيد في ضيافتهم باسباغ رحمة أكثر عليهم ويكرمهم بالإنعام في هذا الشهر بما فوق الإنعام والرحمة في غيره من الشهور.
[4] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (وعملكم فيه مقبول ودعاءكم فيه مستجاب): العمل في هذا الشهر يقبل بما لا يقبل مثله في شهر آخر حيث يفقد بعض شرائط القبول وكذلك الحال بالنسبة للدعاء.
[5] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (نيات صادقة وقلوب طاهرة): قد ينوي الإنسان الشيء ويظهره ولكنه ليس بصادق فيه، كما يقول (رب ارحمني) لفظاً وينويه قلباً ولكنه لا يطلب الرحمة حقيقة، وقد يكون القلب ملوثاً بالحقد والغل وسوء الظن وما أشبه ذلك.
[6] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (كل الشقي) أي كامل الشقاء.
[7] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (صلوا أرحامكم): الرحم، هو كل من يصدق عليه عرفاً انه رحم ولو كان بينهما وسائط كثيرة.
[8] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (احفظوا ألسنتكم وغضوا عما لا يحل النظر إليه أبصاركم وعما لا يحل الاستماع إليه أسماعكم): كالغيبة والنميمة والهمز والسب والغناء وما أشبه من الحرام، والنظر إلى الأجنبية والأجنبي والنظر إلى عورة الغير وغيره من الحرام، والاستماع إلى الكلام المحرم والصوت المحرم وما أشبه من الحرام.
[9] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (يتحنن على أيتامكم): ان لبعض الأشياء آثاراً وضعية فكما ان شرب الدواء أثره الوضعي هو الشفاء، فكذلك العطف على ايتام الناس يكون أثره الوضعي ان يعطف الناس على أيتام الانسان، ونفسه، وقد قال الله تعالى: ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم) (سورة النساء: الآية9).
[10] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (وارفعوا أيديكم بالدعاء): ليس الله في مكان دون مكان، وإنما نرفع اليد لأنه دليل الاستكانة والاستجداء كالذي يطلب من انسان فوقه.
[11] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (يجيبهم إذا ناجوه ويلبيهم إذا نادوه ويعطيهم إذا سألوه ويستجيب لهم إذا دعوه): ان هذه الأمور مقتضيات، كما نقول مثلاً: ان الدواء الفلاني ينفع المرض الفلاني، فمعناه الاقتضاء لا انه علة تامة للشفاء من هذا المرض، فالعلية التامة لا تكون إلا بارادة الله، وكذلك في بعض الفقرات الأخرى في الخطبة كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (لا يعذب المصلين).
[12] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (ان أنفسكم مرهونة): يقصد ان نفس الإنسان مرهونة بأعماله القبيحة.
[13] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (مغفرة لما مضى من ذنوبه): أي ان افطار الصائم يقتضي ذلك في الجملة وعلى وجه اجمالي.
[14] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (ما ملكت يمينه): المراد بما ملكت اليمين هو إما العبيد على وجه خاص، وإما من كان تحت سلطة الإنسان وتحت يده.
[15] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (الشياطين مغلولة): أي ان أيدي الشياطين تغل، ولكن النفس الامارة بالسوء تعمل عملها، فان فعل الإنسان فعلاً سيئاً فكت الشياطين، والشيطان روح شريرة يعمل لإغواء الانسان، وقد ثبت في العلم الحديث وجوده علمياً، انظر كتاب (على حافة العالم الأثيري): للتفصيل الوافي.
[16] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (الورع عن محارم الله): من المعلوم ان الاتيان بالنوافل والمستحبات (السنن) لا يصل إلى مرتبة الاتيان بالواجبات والكف عن المحرمات.
[17] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (عاقر ناقة ثمود): هو الذي عقر ناقة صالح على نبينا وآله وعليه السلام، وانما كان أشقى الأولين لأنه رأى المعجزة بعينه ومع ذلك فقد عاند وتسبب في هلاك نفسه وهلاك الناس.
[18] قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (وذلك في سلامة من ديني): هذا إما على سبيل التعليم للناس بمعنى بيان ان الإنسان ينبغي له ان يكون في فكر دينه للمستقبل، لا في فكر شيء آخر، وإما انه على سبيل التنبيه بمعنـى ان يتنبه الناس إلى ان علياً (عليه السلام) يبقى حتى وفاته واللحظة الأخيرة من عمره وفياً لدينه، وكفى الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) شاهداً على ان ما فعله أصحاب الجمل ومعاوية والخوارج باطل وان الحق مع علي (عليه السلام) .