الجزائر- لم يكد يمر نحو أسبوعين على إعلان ميلاد حركة "الدعوة والتغيير" المنشقة عن حركة مجتمع السلم (حمس) الجزائرية حتى شرعت قواعد ناشطة على مستوى الولايات والبلديات في الاستقالة من حمس والالتحاق بالحركة الجديدة، الأمر الذي أشعل حربا إعلامية بين الطرفين.
وفي ظل هذا السجال المتواصل في وسائل الإعلام الجزائرية أكد قياديون بحمس أنها لا زالت متماسكة، وأن انسحاب "كمشة (حفنة) لا تتجاوز 3% من أفرادها لن يؤثر على سير مؤسسات الحركة"، فيما اعتبر قادة الحركة الوليدة أن هذه الاستقالات الأخيرة دليل واضح على التأييد الكبير الذي يحظى به التنظيم "الفتي" لدى الحمسيين، ومؤشر على "نزيف حاد" تعاني منه حمس.
طالع أيضا:
الجزائر.. خصوم أبو جرة يؤسسون حزبا موازيا لحمس
وخلال الأيام القليلة الماضية أعلن عدد من منتخَبي "حمس" بولايات العاصمة وبومرداس وباتنة عن استقالتهم النهائية من صفوف الحركة وانضمامهم لـ"حركة الدعوة والتغيير".
وعزا المنشقون استقالاتهم إلى "انحراف" الحركة حاليا بقيادة "أبو جرة سلطاني" عن الخط الأصيل الذي رسمه مؤسسها الشيخ الراحل محفوظ نحناح، إضافة لـ"الإقصاء والتهميش الذي تعرضوا له على يد القيادة الحالية"، واحتجاجا على "تزوير القانون الأساسي والنظام الداخلي"، بحسب بيانات الاستقالة التي نشرتها صحف جزائرية.
وفي تعليقه على هذه البيانات نفى الناطق الرسمي لحمس محمد جمعة في بيان أصدره مطلع الأسبوع الجاري "وجود انشقاقات جماعية أو نزيف في صفوف الحزب"، مؤكدا أن "ما يروج له في بعض وسائل الإعلام ليس إلا مجرد شائعات مبالغ فيها، وهي مجرد جعجعة بلا طحين، وتندرج في خانة الحرب النفسية المراد ممارستها على قواعد الحركة ومناضليها لزعزعة استقرارهم وإيهام الرأي العام بأن عقد حمس قد انفرط".
وخلص صاحب البيان إلى القول بأن "الذين أعلنوا رفضهم لقواعد الديمقراطية منذ الساعات الأولى للمؤتمر الرابع للحركة هم الذين لا يزالون ينفخون في أشرعة الحرب النفسية عبر وسائل الإعلام".
من جهته أكد عبد الرحمن سعيدي، رئيس مجلس شورى "حمس"، في تصريحات لـ إسلام أون لاين.نت أن "ما يروج له عبر وسائل الإعلام لا يعدو أن يكون مجرد شائعات وتضخيما للحقائق أراد من خلاله المنشقون مغالطة الرأي العام، كما أنها رسالة أراد هؤلاء إيصالها إلى بعض الأوساط بالجزائر وإلى السلطة أيضا في سياق التحضيرات الجارية لإيداع ملف اعتماد الحركة (المنشقة) رسميا" للحصول على ترخيص بها.
وأوضح أن "قيادة الحزب لم تصلها هذه الاستقالات، وأنها علمت بها عبر الصحف"، مؤكدا أن "المنشقين عن الحركة كمشة لا يتعدى عددهم نسبة الـ3% من مجموع مناضلي الحزب".
أما عن تأثير ما أسماها بالشائعات على قواعد للحركة فقد قال المتحدث نفسه: إنها "لا تنطلي على مناضلي الحزب، وأكبر دليل على ذلك اللقاء الضخم لهياكل الحزب المنظم مؤخرا، حيث شارك فيه 1050 عضوا".
نزيف حاد
وردا على تصريحات قيادات حمس قال فريد هباز، أحد مؤسسي حركة الدعوة والتغيير، في تصريح لـ"إسلام أون لاين" إنه "إذا كان الأمر (الاستقالات) كما تزعمون، فلماذا انزعجتم من هذه المجموعة التي أعلنت انسحابها من حزبكم.. فالأيام بيننا، وهي الكفيلة بتوضيح الأمور، خاصة في ظل النزيف الحاد بقيادات حمس".
وعاد فريد هباز ليؤكد أن صفوف حركته تتدعم يوما بعد يوم "بعدما أصبح الانحراف في منهج حمس واضحًا للمناضلين، الذين فضلوا عن قناعة العودة إلى المنبع الأصيل للعمل الإسلامي، الذي وضع لبناته الشيخ نحناح"، مشيرا إلى أن "قيادة الحركة شرعت في تنصيب مكاتبها الولائية والبلدية".
وشهدت ولاية "مستغانم" غرب الجزائر أمس حفل تنصيب أول مكتب ومجلس شورى ولائي للحركة الجديدة، بإشراف كل من أحمد الدان وسالم الشريف القياديين بالحركة، وحضور عدد من مناضلي حمس السابقين.
وفيما يتعلق بإيداع ملف اعتماد الحركة الجديدة قال هباز: "نحن حاليا في مرحلة الإعلان وبناء الصف وإعادة ترتيب البيت الداخلي وتصحيح الانحراف، ومتى تبين لنا أننا أدركنا الأهداف التي رسمت لهذه المرحلة فسنشرع في مرحلة جديدة".
طابع دعوي
وأعلن قياديون في حركة حمس محسوبون على وزير الصناعة الأسبق عبد المجيد مناصرة في منتصف الشهر الجاري عن ميلاد حركة الدعوة والتغيير، مشيرين إلى أنها ستكون ذات طابع دعوي وليس حزبيا؛ لمواصلة مسيرة نحناح.
كما لجأ نواب الحزب في البرلمان المنتمون إلى الجناح المخاصم لـ"أبو جرة سلطاني" ويقدر عددهم بـ29 برلمانيا إلى الانشقاق عن الكتلة النيابية لحمس، وتشكيل ما يعرف بـ"كتلة التغيير".
وقدّر مناصرة، منافس سلطاني على رئاسة "حمس" خلال المؤتمر الرابع للحركة والذي عقد في مايو الماضي، عدد الذين انضموا لـ"حركة الدعوة والتغيير" بـ10 آلاف.
وتعد "حركة مجتمع السلم" أحد أقطاب التحالف الحاكم، وهي ممثلة في البرلمان بـ52 نائبا من جملة 380 مقعدا.