إيطاليا تتجرع مرارة الفشل.. وتطالب بالتخلص من «العواجيز»

بعد ساعات قليلة من توديع منافسات بطولة كأس القارات لكرة القدم، أكد مارشيللو ليبى مدرب المنتخب الإيطالى الأول أنه لا يجد سببا يدفعه لتغيير خطة اللعب التى يطبقها مع الفريق أو لتغيير لاعبيه.

وكان المنتخب الإيطالى قد خسر مساء الأحد الماضى صفر/ ٣ من نظيره البرازيلى فى مباراته الأخيرة بالمجموعة الثانية ببطولة كأس القارات ليخرج بطل العالم الأزورى من منافسات البطولة فيما فاز منتخب السامبا بقمة المجموعة عن جدارة.

وبعكس جميع التوقعات فقد ذهبت بطاقة التأهل للدور قبل النهائى الأخرى بالمجموعة الثانية إلى المنتخب الأمريكى الذى لعب مباراته بالجولة الثالثة الأخيرة لدور المجموعات بدون أى رصيد من النقاط ومتخلفا عن المنتخب الإيطالى بفارق ستة أهداف.

ولكن المنتخب الأمريكى نجح بالفعل فى تعويض فارق الأهداف الكبير عن أبطال العالم عندما فاز على مصر ٣/ صفر فى الوقت الذى خسرت فيه إيطاليا من البرازيل بثلاثة أهداف نظيفة أخرى. وطالب المحللون فى إيطاليا بتغيير اللاعبين وإبعاد العواجيز. وواجه ليبى الذى حقق فريقه فوزا وحيدا بالبطولة بنتيجة ٣/١ على المنتخب الأمريكى قبل أن يخسر مباراتيه التاليتين (صفر/ ١ من مصر وصفر/ ٣ من البرازيل) انتقادات شديدة بسبب تمسكه باللاعبين الذين فاز معهم بلقب بطولة كأس العالم قبل ثلاثة أعوام فى ألمانيا.

ووصل المنتخب الإيطالى إلى جنوب أفريقيا محملا بأكبر لاعبى البطولة سنا وقد أكد ليبى حتى بعد الخروج أن هؤلاء اللاعبين هم من سيمثلون إيطاليا من جديد فى بطولة كأس العالم المقبلة عام ٢٠١٠ بجنوب أفريقيا.

وانتقد ليبى لاستعانته بلاعبين مثل فابيو جروسو ولوكا تونى وأندريا بيرلو، وحتى قائد الفريق فابيو كانافارو أصبحت ضرورة استمراره مع منتخب الأزورى محل شك. وقال ليبى غاضبا بعد الهزيمة من البرازيل: «لقد رأيتهم أفضل لاعبينا هنا على أرض الملعب.

إنهم ليسوا أفضل تشكيل من بين اللاعبين الذين أحضرتهم معى إلى جنوب أفريقيا وحسب ولكنهم أيضا أفضل لاعبين فى إيطاليا كلها ولن أغيرهم». وأضاف: «ولكنى مع ذلك ملتزم بخطتى العامة فى العمل استعدادا لكأس العالم. ولا أرى أى سبب يدعونى لتغيير هذه الخطة حتى لو كنت أشعر ببعض المرارة والحزن الآن.. أعرف أن صورة إيطاليا الحقيقية ليست ما ظهر للناس فى مباراة البرازيل وأننا لم نرق إلى حجم الآمال المعلقة علينا.. ولكن لم يتغير شىء».

وأشار ليبى إلى أن لاعبا شابا مثل جوزيبى روسى لعب مباريات الفريق الثلاث خلال كأس القارات وقال: «ولكنك لا تلقى ببساطة باللاعبين الشباب فى مثل هذه المباريات. يجب تقديم اللاعبين الشباب تدريجيا ويجب أن يصقلوا بروية».

وأكد ليبى أنه وفريقه يشعران بخيبة أمل كبيرة لخروج إيطاليا من كأس القارات ولعدم ظهورها بشكل جيد خلال البطولة ولكنه أضاف: «خرجنا لعدة أسباب، فبعض اللاعبين وصلوا إيطاليا وهم يعانون من مشاكل بدنية ولم يتعافوا منها حتى الآن».

ورغم الخروج المبكر فقد دافع ليبى عن أداء المنتخب الإيطالى خلال كأس القارات قائلا: «أعتقد أننا كنا جيدين. فقد سجلنا ثلاثة أهداف بالبطولة وفى النهاية لم نكن بحاجة لأكثر من هدف واحد لكى نتأهل إلى قبل النهائى».

وذهب بعض المحللين الرياضيين فى إيطاليا للربط بين العروض الضعيفة لمنتخب بلادهم فى كأس القارات وبين تدهور حال الدورى الإيطالى نفسه.

وكتب فابريتزيو بوكا فى صحيفة «لا ريبوبليكا» يقول: «إن المنتخب الوطنى يعكس على أفضل نحو حال الكرة الإيطالية التى تمر بأزمة ليست اقتصادية وحسب ولكنها أيضا تنظيمية وتمس حتى درجة وجودها». ويبدو أن بوكا وغيره من المحللين الرياضيين وجدوا صلة بين إخفاق المنتخب الإيطالى فى كأس القارات وبين إخفاق الأندية الإيطالية من ناحية أخرى على مستوى بطولات الأندية القارية حيث لم يحقق أى من أندية البلاد أى إنجازات على الساحة الدولية فى الموسم المنتهى حديثا إلى جانب مواجهتهم صعوبات لموازنة ميزانياتهم.

وجاء انتقال نجم البرازيل كاكا من ميلان الإيطالى إلى ريال مدريد الإسبانى مع احتمال انتقال المهاجم السويدى زلاتان إبراهيموفيتش والظهير الأيمن البرازيلى دوجلاس مايكون من بطل إيطاليا إنتر ميلان ليثبت أن الدورى الإيطالى بدأ يفقد بريقه.

ولكن من ناحية أخرى يبدو الربط بين إخفاق المنتخب الإيطالى والفرق المحلية بالبلاد غير صحيح تماما. فقد جاء فوز إيطاليا بلقب بطولة كأس العالم ٢٠٠٦ فى أعقاب فضيحة فساد مدوية هزت البلاد وتورطت فيها كبرى الأندية المحلية وبعض لاعبى المنتخب الإيطالى أنفسهم بمن فيهم مدربهم ليبى قبل وأثناء كأس العالم. وخلقت هذه الأزمة ما وصفها ليبى وقتها بأنها «روح الجماعة» والتى حاول بناءها من جديد عندما عاد لتدريب المنتخب الإيطالى، بعد عامين من تركه، فى ٢٠٠٨. ولكن ما حدث على أرض الملعب أمام مصر والبرازيل أثبت أن إيطاليا لم يعد لديها هذه الجماعة التى تريد أن تعتمد عليها حيث فقد معظم اللاعبين المخضرمين مهارتهم وبريقهم وأصبح من الواضح أن الوجوه الجديدة بالفريق مثل روسى ستحتاج بعض الوقت قبل أن تندمج مع باقى العناصر القديمة.

ولكن برغم دفاعه المستمر عن فريقه يبدو فى الوقت نفسه أن ليبى يفهم ما يواجهه من مشاكل جيدا حيث قال المدرب المخضرم: «هذا ما يمكننا تقديمه الآن، وأقول الآن. وهو ما يعنى أن المستقبل سيكون مختلفا عن الوضع الراهن. ولكننا الآن لم نستحق أكثر من ذلك بكل تأكيد».

ورغم اقتراب إيطاليا من التأهل لنهائيات كأس العالم ٢٠١٠ فإن ليبى ورجاله يدركون الآن جيدا أن أمامهم مشوارا طويلا من العمل الشاق حتى تتمكن البلاد من العودة إلى صفوف الكبار كما يدرك ليبى ورجاله أنه حتى تكتمل هذه المهمة سيظل أعداد المنتقدين والمشككين فى تزايد وتربص مستمر.

ويرى الأقل تشاؤما فى إيطاليا أن الكبوة الحالية للأزورى سببها مرحلة الانتقال التى يمر بها الفريق مع إضافة عدد من اللاعبين الشباب إلى نواة الفريق الأساسية من المخضرمين.

أما الأشخاص شديدو التفاؤل فى إيطاليا فالتاريخ يقف إلى جانبهم لأن الفرق التى فازت بلقب بطولة كأس القارات فى الماضى لم يحالفها الحظ أبدا بالفوز ببطولة كأس العالم فى العام التالى.