مكتبة شربتلي الرقمية.. نقلة نوعية سداسية الخدمات

في هذا العالم المتسارع الخطى والإيقاع بفضل ما انتظمته من مظاهر ثورة المعلومات، بات من المهم جدًّا أن تعمل كافة القطاعات على تحديث بنياتها الأساسية بما يواكب هذا التطور الهائل. ولو نظرنا إلى قطاع المكتبات على وجه التخصيص، سنجد أن المكتبة الكلاسيكية لم تعد تفي وتلبّي احتياجات قاصديها، فبرزت على السطح المكتبة الإلكترونية باعتمادها على التقنية الحديثة ممثلة في الحاسوب الآلي بتوفير مصادر البحث والمعلومات والثقافة في أسرع وقت ممكنة وفي أضيف مساحة ممكنة، فضلاً عن المزايا الأخرى..
ولم تغب المملكة عن هذا المضمار المتطور فقد أصبحت مكتبة حسن عباس شربتلي الرقمية بجامعة الملك عبد العزيز من المكتبات التي يشار إليها بالبنان حيث يعد إنشاء هذه المكتبة وبدء تشغيلها من أحد أهم النقلات النوعية التي حققتها كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز خلال العام الجامعي 1429-1430هـ (2008-2009م)، وبالأخص فيما يتعلق بتوفير مقومات عصرية لدعم وتشجيع حركة البحث العلمي. فهذه المكتبة الرقمية تعد اليوم أحد أهم معالم جامعة الملك عبدالعزيز، ليس فقط لما تزخر به من مقومات تقنية فريدة قادرة على ربط مرتاديها بمختلف قواعد البيانات البحثية والمؤتمرات والندوات التي تعقد في مختلف دول العالم بيسر وسهولة، وإنما أيضًا لما توفره من مناخ علمي يتيح لكل زائر خيارات متكاملة لتلبية كافة احتياجاته البحثية. فزائر المكتبة يستطيع الانفراد بخصوصية تامة وبمكتب خاص تتوافر به كل سبل الاستفادة من الخدمات المتاحة، كما يستطيع التنقل والاشتراك مع آخرين للعمل بشكل جماعي، ويستطيع أيضًا الاستفادة من القاعات الخاصة والتي تتوافر بها إمكانات تقنية حديثة تتيح إمكانية عقد الاجتماعات مع أطراف خارجية والحضور المباشر للمؤتمرات والندوات. كل هذه الخدمات وغيرها متاحة لكل من يرغب الاستفادة.
ونجحت كلية الاقتصاد والإدارة في إعداد التصور الأولي للمكتبة الرقمية، وترجمته إلى مشروع قابل للتطبيق. حيث حظي هذا المشروع باهتمام بالغ من قبل السيد عبدالرحمن حسن شربتلي رئيس مجلس إدارة مؤسسة حسن عباس شربتلي الخيرية وأخويه عضوي المجلس السيد إبراهيم والسيد محمد وجيه، وبادروا برغبة صادقة في قيام المؤسسة بتبني إنشاء المكتبة وإدارتها وتشغيلها فنيًا، وبتقديم تبرع سخي قيمته ثمانية ملايين ريال، وقد كان للسيد محمد وجيه حسن شربتلي دور جوهري في بلورة وتطوير الفكرة الأساسية لمشروع المكتبة الرقمية.
افتتاح تجريبي
تلا ذلك فترة افتتاح تجريبي امتدت لما يقارب العام، تم خلالها الوقوف على فاعلية أداء المكتبة وجودة ما تقدمه من خدمات. خلال هذه الفترة، كانت المكتبة تتيح استخدام ما يزيد عن الستمائة كتاب إلكتروني، ومحركات بحثية لخمس موسوعات علمية، ومئات الفرص للاستفادة مما يزيد عن مائة وخمسون مادة علمية إلكترونية.
تكمن رؤية المكتبة في اكتساب الاعتراف الدولي بالريادة والتميز المستمر على مستوى المكتبات الإلكترونية في كليات الاقتصاد والإدارة. أما رسالتها فترتكز على تدعيم قدرة كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز على الوفاء بمضمون رؤيتها ورسالتها وأهدافها المرتبطة بدعم البحث العلمي والرقي بمستوى التعليم الجامعي وخدمة المجتمع السعودي. وتتلخص أهدافها الإستراتيجية فيما يلي:
1- دعم البحث العلمي من خلال توفير مقومات عصرية للحصول على المعلومات والبيانات البحثية بيسر وسهولة في مناخ علمي حديث.
2- الرقي بمستوى التعليم الجامعي من خلال توفير فرص تبادل الخبرات التدريسية مع جامعات ومؤسسات أكاديمية عالمية.
3- خدمة المجتمع السعودي من خلال توفير وتفعيل وسائل حديثة للتعليم عن بعد.
وتقدم المكتبة العديد من الخدمات الإلكترونية، تشمل:
1- الكتب الإلكترونية (E-Books): فالمكتبة تتيح إمكانية تصفح ما يربو عن الستمائة كتاب إلكتروني في مختلف حقول العلم والمعرفة من إصدار الناشر وايلي (Wiley)، والذي يعد من أحد أهم الناشرين على مستوى العالم. هذه الكتب يتم قراءتها بشكل مباشر من خلال نظام المكتبة.
2- الموسوعات العالمية (Encyclopedias): تعتمد المكتبة على قاعدة بيانات (Wiley Inter Science) في توفير مجموعة من المجلات والموسوعات في مختلف المجالات العلمية. هذه المجلات والموسوعات يتم قراءتها بشكل مباشر من خلال نظام المكتبة.
3- المقررات الدراسية الإلكترونية (E-Courses): تتيح المكتبة إمكانية استخدام عدد يفوق المائة والخمسون مقررًا دراسيًا لطلبة الانتظام في تخصصات علمية وأدبية وإدارية مختلفة. يتيح المقرر الإلكتروني مادة علمية مطورة وجاهزة للاستخدام، تحتوي على نصوص وشرائح بالإضافة إلى ملفات صوتية ومرئية. هذه المادة تتيح للأستاذ العديد من الوظائف التقنية الفريدة. فبالإضافة لإمكانية الاستفادة مما يتيحه المقرر الالكتروني من مادة علمية خلال المحاضرات على شكل نصوص أو شرائح أو ملفات صوتية ومرئية، يتمكن أستاذ المادة من إعداد الواجبات والامتحانات والتواصل المباشر مع الطلبة.
4- المصادر الداخلية (Internal Resources): تم تجهيز المكتبة ببرنامج يقوم بتحميل وفهرسة وعرض الكتب والرسائل العلمية. وقد تم توظيف هذا النظام لبناء قاعدة بيانات داخلية خاصة توفر كتب ورسائل علمية في مختلف المجالات العلمية.
5- الاتصال المباشر من خلال قاعات الاجتماعات (Meeting Rooms): توفر المكتبة الرقمية خمس قاعات اجتماعات مجهزة بوسائل تقنية تتيح الاتصال بأطراف ومواقع خارجية. يتم الاستفادة من تلك القاعات في عقد الاجتماعات المشتركة مع جهات خارجية لأغراض علمية.
6- قاعدة بيانات مركز الخليج للأبحاث: وهي قاعدة بيانات يمكن استخدامها من خلال موقع المكتبة، وتزخر بما يزيد عن خمسة وعشرون برنامج بحثي يتناول كل منها مجالاً محددًا من مجالات المعرفة، وما يزيد عن أربعين ألف مرجع في مختلف الميادين الدراسية، إضافة إلى مكتبة مركز الخليج للأبحاث الإلكترونية التي تحتوي على مائتي ألف عنوان متنوع تغطي أهم القضايا المتعلقة بمنطقة الخليج، والمواضيع الرئيسية والأوراق البحثية والمقالات والروابط المفيدة للمؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية والمحاضرات التي يعقدها مركز الخليج للأبحاث، ومجموعة واسعة من الوثائق السمعية والبصرية المتعددة الوسائط، وإصدارات رقمية للفترات والأوراق البحثية حول منطقة الخليج والمجلات والدوريات والترجمات وغيرها، وبرامج بحثية ودوريات ربع سنوية تغطي أهم أحداث المركز، بالإضافة إلى أبحاث وأوراق عمل ومقالات ومعلومات أساسية. تفتح المكتبة أبوابها للزوار من السبت إلى الخميس في فترة زمنية تمتد من الثامنة صباحًا وحتى الثامنة مساءًا، كما يمكن لكافة منسوبي الجامعة من أكاديميين وإداريين وطلبة الدخول على موقع المكتبة على الشبكة العنكبوتية والاطلاع والاستفادة من كافة محتوياته بأي وقت ومن أي مكان داخل أو خارج المملكة، من خلال موقع المكتبة.
نموذج رائع
وحول افتتاح هذه المكتبة الإلكترونية تحدث أستاذ المكتبات الدكتور عبدالرشيد حافظ بقوله: افتتاح مكتبة حسن عباس شربتلي خطوة جميلة في سبيل الدخول إلى مجال المكتبات الإلكترونية وهذا التوجه موجود في الخارج وخصوصًا في أمريكا. حيث يستطيع الشخص الحصول على أي معلومة من خلال إقامته دون الذهاب للمكتبة وذلك بفضل التطور الحالي والتكنولوجيا المتطورة. وتعتبر المكتبة أول مكتبة سعودية إلكترونية بالكامل. وهذه نموذج رائع للمكتبة الإلكترونية لما هو حال المكتبة العامة في نيويورك. وأتمنى أن تحذو مكتبة الملك فهد نفس الفكرة والتوسع في هذا المجال.