الرقابة تحاصر «دكان شحاتة».. والمخرج يصفها بـ «المتوحشة»

حيث تعرّض «دكان شحاتة» لتعنت رقابي لم يثر انتقاد السينمائيين رغم تحفظهم على مصطلح الرقابة على الإبداع وإن كانت الحرب النقدية بدأت مبكراً بعد أن تحوّل الفيلم إلى جهات أمنية لتقييمه قبل إجازته رقابيا, وتحفّظ النقاد على خروج الفيلم من دائرة الرقابة الى جهات أخرى مثل وزارة الداخلية والمؤسسات الدينية والعسكرية مما يعنى في نظرهم قتلاً للإبداع خاصة وأن كانت أعمال خالد يوسف معروفة بتوجهاته الإبداعية.
وقال المخرج خالد يوسف في العرض الخاص للفيلم بعد إجازته رقابيًا: لا أتمنى أن يكون المستقبل مثلما في مشهد نهاية الفيلم كما تصوّر البعض، ولكنى أريد توصيل رسالة تحذير إلى من يهمه حال الوطن، فهناك 30 عاما من قتل البراءة والتسامح، اللذين هما صفة أساسية للمصريين، ولذا لابد أن يؤدى ذلك إلى تلك النتيجة من الفوضى، والتي ستخرج فئران البلطجة والتطرف من جحورها.
وأضاف خالد عن مشكلته مع الرقابة: مصر وصلت لمرحلة تتباهى فيها بالديمقراطية والحرية، ورغم ذلك فما زالت الرقابة «متوحشة» على السينما، ولم يتم الاكتفاء بالرقابة الفنية على المصنفات التى من حقها المنع أو الإجازة، بل أصبح على المبدع أن يذهب إلى جهات سيادية لتحدد مصير فيلمه، وبالمناسبة فإن تلك الجهات تقوم بدورها الوطني فى حفظ أمن الوطن على أكمل وجه ويكفى أنها أجازت عرض الفيلم دون حذف مشهد واحد منه، ولكن ليس دورها أن تصبح رقيبا على الإبداع .
وعن هاجس إسرائيل المتواجد بكل أفلامه، قال هذا الهاجس ليس مرضيا كما يتخيّل البعض، لأني أرى أن إسرائيل هى العدو الوحيد، وأحلم بيوم تتطهّر فيه سماء القاهرة من هذا الدنس العارض فى سمائها ويطرد السفير الإسرائيلي من مصر.
وتدور أحداث الفيلم حول شحاتة «عمرو سعد» الذي يولد في صعيد مصر بقرية فقيرة ويأتي به والده «حجاج» رضيعًا بعد موت أمه ليعيش يتيمًا وغريبًا في المدينة الضخمة، يستشعر شحاتة صاحب الشخصية البطولية والنبيلة قيمة وجوده من حب الناس والانتماء لهم، بينما يشن إخوته صراعاً ضده لأن والدهم يميّزه عنهم، ويرفض شحاتة هذا الصراع ويتجنّبه ولكن مواقفه لا تشفع له عند إخوته فقاموا بضربه وتآمروا ضده بعد وفاة والده الذي كان يحميه منهم بل تمكّنوا من سجنه بتهمة غير حقيقية وسرقوا ميراثه وتزوج شقيقه من محبوبته «بيسه» والتي تجسد دورها هيفاء وهبي.
ولا يسمح شحاتة بالرغم من كل ما ناله من إخوته للانتقام والحقد أن يتسللا إلى قلبه لإصراره على الانتماء لعائلته وإخوته وإدراكه أنه لا يستطيع العيش بدونهم، فالخوف من الوحدة يدفعه للبحث عن إخوته بعد خروجه من السجن للتصالح معهم في الوقت الذي يهربون خوفًا منه.
صراع الفيلم مع الرقابة لم يمنع الخلافات الداخلية بين الأبطال وإن كانت البطولة الرجالية محسومة بوجود الفنان محمود حميدة مع عمرو سعد وعمرو عبد الجليل ومحمد كريم، وحسمت البطولة لتاريخ حميدة وشاركه عمرو سعد أحد الوجوه الأساسية في أفلام خالد يوسف, وأثيرت خلافات حول بطلة الفيلم بسبب استغلال خالد يوسف لشهرة هيفاء وهبي كمطربة وظهورها لأول مرة كممثلة تتصدر إعلانات الفيلم مما فتح المجال للمقارنة بينها وبين غادة عبدالرازق التي أصرت على أنها البطلة بحكم تاريخها الفني وهو نفس الموقف التي أثارته مع زينة في الفيلم الذي جمعهما من قبل “ 90 دقيقة “ وقالت غادة عبدالرازق في العرض الخاص: «أرى أنه لا يجب علينا أبدا إثارة مشاكل وخلافات بسبب مثل هذه الأمور الصغيرة، فالأفيش له مدة معينة وينتهي والذي يبقى هو العمل نفسه، فمسألة الأفيشات تخضع لرؤية المخرج والشركة المنتجة للعمل، ونحن جميعا عملنا فى فيلم لخالد يوسف وبطله الأول والأساسي هو عمرو سعد والفنان الكبير محمود حميدة الذى شرفنا جميعا بالعمل معه، ويأتى بعد هذا بالمنطق اسم غادة عبدالرازق بحكم الخبرة والأعمال الكثيرة التى قدمتها، وهذا ليس تقليلا منى لأى فنان آخر.
يذكر أن الخلافات مع الرقابة في «دكان شحاتة» لم تكن الأولى للمخرج خالد يوسف بسبب أعماله المثيرة للجدل وإصراره على تناول الواقع المجتمعي وكشف مناطق خفية في الشارع المصري مثل فيلمه «حين ميسرة» والجدل الذي أثير حوله بسبب حالة الفقر في المناطق العشوائية ومشاهد المثلية الجنسية وزنا المحارم، وأيضا فيلمه الأخير «الريس عمر حرب» حيث منهج الواقعية الصاخبة الذي يتبعه المخرج مثل أستاذه المخرج الراحل يوسف شاهين وظهر في تعاونه معه في فيلم شاهين الأخير «هي فوضى».